" إن من كان مرباه بالعسف.. ألف العبودية ونبغ في النفاق" ابن خلدون
عندما يخسر الحاكم منصبه الاعتباري والرسمي كرئيس بمعنى فقدانه للسلطة الرمزية والفعلية باعتبارها اداة للحكم والتسلط على شعبه. يغلب الظن ان الحاكم قد تنحي او هو في طريقه ليصبح ماضي يضمه وعاء التاريخ بحسناته وسيئاته.
تتكالب الجموع وتتظاهر الجماهير غبطة وسرور، تفيق الاحزاب الكلاسيكية من سباتها وتتشكل احزاب وقوى وتيارات وشخوص جديدة.. كلها ترفع شعارات نعي الدكتاتورية " فهذا الطوفان البشري الى ماذا يسعى؟؟
يسعى الى التغيير.. ام الى غدا افضل.. ام الى منصب وجاه وثروة.. هذا الحزب وذاك.. تلك القناة ونظيراتها.. ذاك السياسي المستقل - الجاهز-.. وهذه الشركة وتلك.. تعدد الاشكال وتختلف الاتجاهات وهي تعلن شيء وتضمر شيء اخر.
السؤال الحقيقي: سيتغير الرئيس ام النظام السياسي ام طريقة اقتسام السلطة بين الاحزاب والقوى والافراد المستقلين.. ام حاضر ومستقبل الامة المصرية!!
واللعبة تستمر وان استبدلت بعض الاسماء والمناصب والمناخات السياسية، الكبار في كل مفصل من مفاصل الدولة والمجتمع حاكمين ومتحكمين ومتنفذين وهناك مئات وربما الاف.. لا بل مئات الالاف من العقول التي تحكم في مصر وتتحكم بمصالح الناس ومصائرهم بعقلية حسني مبارك، من اعلى هرم الدولة في مصر الى مستوى العائلة البسيطة بحسب تسلسلهم الاداري وتدرجهم الوظيفي .. الاطاحة بحسني ليست غاية بحد ذاتها، الاطاحة الحقيقية بالانظمة الدكتاتورية تبدأ من الانسان (الفرد) الى المجتمع (الجمعي) فالحرية والتمدن والتحضر والرقي الانساني والعمراني، اسس متينة للحياة والمستقبل .. عطاء واخذ .. تضحية وايثار.. صدق والتزام.. علوم وتربية.. صحة وعقل.. دين وتسامح.. حب وشرف.. هوية وضمير، تسامى في الذات تجاه الاخر.
فالعقلية الهرمية تدرك الوطن كذات لها، المسؤولية كوحي منها، والسلطة كاداة مطلقة وابدية ترى كل شيء وفق رؤيتها المسبقة وفهمها للاشياء واشد ما تبغضه هذه العقلية هي الكفاءة والذكاء المدَّرب الذي لا يجد سوى الاقصاء والاستعداء والتهميش حد الالغاء التام.
فاينما تحل الطواغيت يشرع العلماء والكفاءات بالفرار خارج اوطانها ودائما هناك اشباه العلماء والكفاءات يشغلون المناصب الشاغرة من اصحابها قسراً.. فيما تبدا مع هذه النماذج مهزلة السطان الالمع والرئيس الاوحد والقيادة المحنكة.. لترفع خطط العمل ونماذج التدريس وخرائط العلوم وبرامج التمنية .. من جدارن المعامل والمدارس والجامعات والمختبرات وتستبدل بصور الريس!!
الكرة في ملعب حكماء مصر بمختلف مرجعياتهم الدينية والعلمية والسياسية والعشائرية والاجتماعية.....، فهذه الفرصة التاريخية لا يجب ان تنتهي فيها ثورة 25 يناير 2011 الى سلطة متسلطة يتقاسم اربابها المصالح وتفصل المناصب وهذا اخطر ما في هذه الثورة ان ارتبط في اذهان شبيبة مصر وما فعلوه.. انهم لم يفعلوا شيء سوى استبدال شخوص باخرين وفساد بفساد وسياسة بسياسة.التغيير الحقيقي منوط بارتقاء التعليم والتربية، قادة مصر والذين سيكتبون تاريخها بعد ثورة 25 يناير 2011 هم الاطفال .. فكل طفل يتسع حلمه لمنصب رئيس جمهورية مصر، سيكن كذلك في المستقبل وان كان نصيبه من الحياة خفير بسيط.. الوطن هوية وحلم يمتزجان بروح التربية والعلم ولكل مجتهد نصيبه في سعيه الحثيث.
اطفال مصر هم قادتها.. كما هم اطفال كل شعوب الارض، اشاعة ثقافة المواطنة وتغيير المناهج الدراسية البالية المتخمة بالرجعية العلمية، واعتماد العلمية الملهمة.. الغاء التمجيد وثقافة الحزب الواحد والرئيس المقدس، واستبدالهما بالوطن الاغلى والمستقبل الابهى.
لطالما ردد الشعب المصري " مصر ام الدنيا"، ومصر تستحق ذلك وجديرة به.. رغم ان مصر اغتصبت منها دنياها لاكثر من ثلاين عاماً.. وهاهو التاريخ يخاطب مصر ان اكتبِ عنوان مستقبلك.والى ان يتسنم اطفال مصر وقادة مستقبلها مسؤولياتهم وفق التنشئة الوطنية والعلمية الحقيقية، تقع المسؤولية على جهابذة الفكر والثقافة المصرية بالاستفادة من التجارب الانسانية التي ارتبطت باسماء خلدها التاريخ.. من امثال " الشيخ نصير الدين الطوسي" الى الامبراطور الياباني الطموح"ميجي" فالفيلسوف الالماني العظيم "يوهان غوتليب فيخته" الى العالم الفرنسي "بول لا نجفان" والقائمة تطول وتعرض ولكنها تخلص الى غاية وسبيل ونتيجة واحدة.. اقدار الامم من صنع علمائها.
مهدي فهمي التميمي
ببليوغرافيا إراكي
TEL: 964 - 07901780841
P.O BOX 195
BAGHDAD IRAQ